بقلم فتحي الذاري / خاص صدى الولاية
موقف بشار الأسدوالتركي الأخواني
تجسد العلاقات الدولية في الشرق الأوسط تعقيدات متداخلة، حيث تؤكد تحالفات القوى المختلفة المصالح الإستراتيجية لكل طرف. في السياق السوري، يظهر بشار الأسد كشخصية صادقة في تحالفاته، بخلاف اردوغان الذي اتصف بالمكر والخداع.
خلال فترة حكمه، حقق بشار الأسد مجموعة من الانجازات السياسية والاقتصادية، وأبرزها
المبادرات السياسية تضمنت مبادرة السلام العربية عام 2002 ودعم المقاومة في العراق ولبنان، حيث قدم الأسد دعمًا نوعيًا لحركات المقاومة، مثل حماس والجهاد الإسلامي، مما أظهر التزامه بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
النجاحات الاقتصادية شهدت سورية نموًا في الميزان التجاري وارتفاعًا في الإنفاق، بالإضافة إلى مشاريع اقتصادية كبرى، وضعت البلاد على مسار التنمية
الإصلاحات الداخليةحاول الأسد إدخال تعديلات على القوانين السياسية والإعلامية، بالإضافة إلى خطوات إصلاح إداري تهدف لتحسين فعالية الحكومة.
واجه الأسد عدة محاولات أميركية وأوروبية للضغط عليه، تتضمن طلبات بتقديم تنازلات. إلا أنه أظهر عنادًا وصمودًا قويين، مما أثار الإحباط لدى خصومه. كانت تحركات الدول الغربية والعربية، خصوصًا دعمها لأردوغان لتنفيذ مخطط لطعن الأسد، محاولة لتحجيم دوره في المنطقة.
بينما كان الأسد ملتزمًا بتحالفاته، تمثل أردوغان في التلاعب والمناورة. فارتبطت رؤيته السياسية بشكل كبير بأجندة الإخوان المسلمين، مما عزز عدم الثقة بين الطرفين. بعد اندلاع الأحداث عام 2011، اعتقد كثيرون أن ضغوط أردوغان ستكون قاتلة للأسد، لكنه أظهر قوة وصلابة غير متوقعة، بدعم حلفائه مثل حزب الله وإيران.
ترسم هذه الديناميكية صورة واضحة عن الموقفين المتناقضين: بينما حافظ بشار الأسد على تحالفاته وكان صادقًا في سياساته، استُخدم أردوغان كأداة لتحقيق أهداف خارجية، مثيرًا الشكوك حول ولائه. يبقى الأسد رمزًا للصمود في وجه الغدر، مثلاً تحتضنه التحديات العديدة، مختارًا طريق المقاومة والتحدي. هذا التباين يبرز الدروس المستفادة حول أهمية الوفاء والولاء في العلاقات الدولية
تتجلى الفوارق بين بشار الأسد وأردوغان الإخواني في سياق الأحداث السياسية في الشرق الأوسط، حيث يظهر الأسد كشخصية ملتزمة وصادقة في تحالفاتها، في حين يمثل أردوغان نموذجًا للمكر والخداع.
إنجازات الأسد السياسية والاقتصادية
تحت قيادة بشار الأسد، حققت سورية العديد من الإنجازات السياسية، منها
- مبادرة السلام العربية 2002، والتي أكدت اهتمام الأسد بإحلال السلام.
- دعم المقاومة في العراق ولبنان عبر توفير الأسلحة وإبداء الدعم لحركات مثل حماس والجهاد الإسلامي، مما أظهر التزامه بالقضايا العربية.
- الدور البارز في التنسيق مع دول كبرى مثل إيران وروسيا والصين، مما ساعد سورية في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد شهدت سورية نموًا في الميزان التجاري وارتفاع إنفاق الميزانيات.
- إطلاق مشاريع كبيرة وأتمتة العديد من العمليات الإدارية، مما يعكس جهود الإصلاح الداخلي.
الصمود أمام الضغوط
رغم الضغوط الأمريكية والغربية، أظهر الأسد عنادًا ونجاحًا نسبيًا في الحفاظ على سيادته. فقد كانت هناك محاولات لتحجيم سلطته عبر فرض تنازلات مثل التطبيع مع إسرائيل أو فك تحالفاته مع إيران، لكنه استمر في مقاومة هذه الضغط.
في المقابل، تم استغلال أردوغان كأداة لتحقيق الأهداف الإقليمية للغرب. بعد التوترات في عام 2011، اعتقد الكثيرون أن الضغوط التركية ستقضي على الأسد، ولكنه أظهر صمودًا كبيرًا بفضل دعم حلفائه كحزب الله وإيران.
يمثل بشار الأسد رمزًا للصمود والثبات، بينما يكشف الدور التركي عن عدم الثقة والمخادعة في السياسة الإقليمية. تبرز هذه الديناميكية أهمية الوفاء في العلاقات والتحالفات، حيث يبقى الأسد حارسًا على مصالح بلاده، على الرغم من الطعنات التي تعرض لها.
حول دور روسيا في الصراع السوري
عقب بداية الحرب في عام 2011، ورغم أن روسيا كانت متحفظة في البداية، بدأت تتضح ملامح عزم الأسد على الصمود والتعافي. في هذه الفترة، فقدت الحكومة السورية أكثر من 60% من أراضيها، بينما ظهرت روسيا كطرف متفرج أو مستشار عسكري، مما أثار تساؤلات حول دورها الفعلي في دعم الأسد.
تحولات استراتيجية
مع مرور الوقت، وجد الأسد الفرصة لتحويل مجريات الصراع لصالحه، مدعومًا من إيران وحزب الله. هذا التحول جعل الأسد وشركاءه يتساءلون عن أهداف روسيا في الصراع. بدت العمليات العسكرية غير متسقة، حيث كانت القوات تتقدم إلى نقاط معينة ولكن لا تواصل الزخم، مما خلق إحساسًا بأن الروس يسعون لتحقيق توازن معين وليس الانتصار الكامل. إدارة الملفات الحساسة
كان من أبرز الملفات التي أدارتها روسيا هو ملف الأسلحة الكيماوية، حيث كانت النتائج مفاجئة وغير متوقعة، مما أثار الجدل وشكوكًا حول تحالف روسيا مع الأسد. العديد من المراقبين اعتبروا أن روسيا كانت قادرة على تقديم حلول أكثر فعالية، لكن اختارت الحلول الوسطية التي لم تكن مرضية للأسد أو حلفائه.
تساؤلات ونتائج
عند مراجعة التفاعلات الروسية خلال تلك المراحل، نواجه مجموعة من التساؤلات حول اختيار روسيا لأنصاف الحلول، وهو ما أثار حيرة كثيرين. هناك شعور بأن الأسد كان يحتاج إلى الحذر من تصرفات روسيا، أو على الأقل، فهم أكثر دقة لمؤشرات عدم وضوح أهداف موسكوويتجلى أن التعامل الروسي مع الوضع السوري كان معقدًا وغير واضح، مما يترك المجال لمزيد من التحليلات والتأملات في الأبعاد التي تجب مراعاتها لفهم الديناميات التي أثرت على مجريات الصراع وما زالت تؤثر عليه حتى اليوم.
العلاقة بين الأسد وروسيا
استمر الأسد في تقديم تنازلات كثيرة لروسيا، مع أمل الحصول على دعم عسكري وفاعلية أكبر في مواجهة التحديات، إلا أنه حصل على القليل، وكان هذا القليل في بعض الأحيان غير مجدٍ. على الرغم من الوعود الروسية، مثل تعزيز الدفاعات الجوية ضد التفوق الإسرائيلي وتعزيز التواجد العسكري في مواجهة القوات التركية، لم تُحقق تلك الوعود أي نتائج ملموسة.
ضغوط وتنازلات
واجه الأسد نقصًا في البدائل، مما جعله يتريث ويقبل الوضع الراهن، معتمدًا على قاعدة "الموعود أفضل من المبعود". في هذا السياق، حاول الأسد إقناع الروس بالضغط على تركيا للعودة إلى اتفاق أضنة والمشاركة في حوار قائم على السيادة السورية، لكن لم يكن لدى الروس القدرة على إقناع الأتراك بسحب قواتهم. التحول الروسي
بدأ التحول الروسي بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث زادت الضغوط الروسية على الأسد فيما يتعلق بتواجد إيران. استخدم الروس أساليب مختلفة، بما في ذلك تقديم معلومات ساعدت في عمليات اغتيال مستشارين إيرانيين، مما أدى إلى تململ الأسد من عدم فعالية الدعم الروسي. في ظل هذه الضغوط، قام الأسد بإجراء تغييرات في القيادات الأمنية، وهو ما كان غير معتاد في سوريا، حيث كان يتمتع قادة الأجهزة الأمنية باستقرار طويل. استنتاج
تظهر العلاقة بين الأسد وروسيا كعلاقة معقدة تتسم بالتنازلات وعدم التوازن. بين جهود الأسد للحفاظ على السلطة وتنازلاته المتكررة، تبقى الاستراتيجيات الروسية غير واضحة وتأثيرها على الوضع السوري مستقبلاً قد يشكل عامل ضغط إضافي على نظام الأسد.
لماذا كان "طوفان الأقصى" بداية التحول الروسي؟
فهم الروسي للموقف
التحول الروسي بدأ عقب خطاب نتنياهو الذي أعلن فيه حرباً على غزة، حيث أدرك الروس جدية الإسرائيليين ورغبتهم في تغيير المعادلات في الشرق الأوسط. بالمقابل، لم يقرأ الأسد ومحور المقاومة هذه الجدية بشكل صحيح، مما تسبب في استمرارية تكتيكاتهم التقليدية، مثل فتح جبهة الإسناد في جنوب لبنان بدلاً من اتخاذ خطوة استباقية.
مراقبة التحولات
كانت روسيا تراقب الوضع عن كثب وتتشاور مع الأطراف الإقليمية، بما في ذلك تركيا وإسرائيل. سعى الروس لضمان مصالحهم وأخذوا يرغبون في إقناع الأسد بتبني صفقة، إلا أن الأسد رفض الاقتراحات الروسية مما أدى إلى تدهور العلاقة.
محاولات الصفقة
تعددت محاولات الوساطة من قبل عدة دول، منها الأردن والإمارات والسعودية، لكن الأسد تمسك بموقفه. في الوقت ذاته، كانت الاتصالات تتجدد بشكل متزامن مع تصعيد نتنياهو، حيث حاولت الدول العربية تقديم وعود للأسد، لكن هذه المحاولات كانت تهدف في النهاية إلى إضعاف موقفه.
الصفقة الأمريكية المطروحة
تناولت الصفقة الأمريكية المطلوبة من الأسد عدة نقاط رئيسية، منها:
1. إخراج إيران وميليشياتها من سوريا.
2. قطع العلاقات مع حزب الله.
3. طرد جميع الميليشيات العراقية.
4. إنهاء وجود المنظمات الفلسطينية في سوريا.
5. التفاوض على التطبيع مع إسرائيل.
6. توفير ضمانات دولية من روسيا، أمريكا، فرنسا، والسعودية.
النتيجة
بالتالي، كان "طوفان الأقصى" بمثابة نقطة تحول أساسية في الديناميكيات الإقليمية، حيث بدأت روسيا تحاول إعادة تكوين علاقاتها مع سوريا حتى مع تزايد الضغوط من الولايات المتحدة وحلفائها.
الحقائق المتعلقة بالصفقة الأمريكية لسوريا
بالإضافة إلى الشروط المتنوعة التي تم ذكرها في الصفقة، هناك تفاصيل هامة تتعلق بالجانب الاقتصادي والسياسي الذي يسعى له الأسد.
التعويضات الاقتصادية
مقابل تطبيق الشروط المذكورة، يُقترح رفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل، مع تقديم تعويضات اقتصادية مباشرة، بدأت قيمتها بـ30 مليار دولار ثم زادت إلى 50 مليار دولار في المفاوضات الأخيرة. هذه التعويضات تهدف إلى دعم الاقتصاد السوري المتعثر.
إعادة الإعمار
من المتوقع أن تقوم دول الخليج بتجديد دعمها لسوريا من خلال صناديق دعم أممية، مما يسهل إعادة الإعمار وتعزيز البنية التحتية في البلاد.
النفوذ في لبنان
تسمح الصفقة لسوريا بتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في لبنان، مع الالتزام بقاعدة ضمان أمن إسرائيل وسلامة التركيبة اللبنانية.
التحولات الإقليمية
في التطورات الأخيرة، تم تعديل الخطة لتضمين مدينة طرابلس ضمن النفوذ السوري، وهو ما يأتي عبر أحداث طائفية مُفتعلة تسمح لسوريا بالتدخل، مما يجذب الاعتراف الدولي بصلاحياتها في تلك المنطقة من خلال الأمم المتحدةوبهذا الشكل، تتباين العناصر الرئيسية التي تساهم في إعادة تشكيل العلاقات السورية مع المجتمع الدولي، وسط توازنات حساسة تتعلق بالأمن الإقليمي والاستقرار
المعلومات المتعلقة بصفقة الأسد مع الولايات المتحدة
انسحاب القوات التركية يتمثل الشرط الأساسي في أن تغادر القوات التركية سوريا، مع تجديد اتفاقية أضنة وإضافة بند يُلزم تركيا بالمسؤولية الكاملة عن أي خرق للاتفاق. يتم تسجيل ذلك بموجب قرار أممي في الأمم المتحدة، على أن تتعهد تركيا بسحب قواتها خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق، وتفكيك جميع التنظيمات العسكرية المرتبطة بها وتقديم خرائط لمواقع حقول الألغام التي أنشأتها منذ عام 2011.
رفض الحكم المحلي تؤكد سوريا رفضها لأي شكل من أشكال الحكم المحلي أو الاستقلال للمكون الكردي، وتطالب بتفكيك القوات العسكرية الكردية وتسليم أسلحتها. يتم تشجيع من يرغب من عناصرها للانضمام إلى الجيش العربي السوري، ويتم إنشاء صندوق تنمية ودعم خاص لمناطق الجزيرة السورية، بما في ذلك القامشلي والحسكة والرقة، برعاية عربية.
رفض الوجود الأمريكي تُظهر سوريا رفضها لوجود أي قوات أمريكية، سواء كانت في قواعد ثابتة أو ضمن تشكيلات أممية. تعمل سوريا على تفكيك القواعد الأمريكية وسحبها، وتسليم المواقع للجيش العربي السوري. ينص الاتفاق على أنه في حال الحاجة لوجود قاعدة مراقبة دولية، يجب أن تكون تحت إشراف دولي غير أمريكي ولا يشمل قوات من حلف الناتو.
خطة مغادرة القوات المسلحة تضع سوريا خطة تفصيلية لمغادرة جميع القوات المسلحة الحليفة وغير السورية، مع استثناء من يشملهم اتفاقيات الدفاع المشترك.
مؤتمر دولي لإعادة الإعمار يتم عقد مؤتمر دولي لدعم سوريا وإعادة إعمارها، حيث يتعهد المشاركون والداعمون بجمع المبالغ المنصوص عليها لإعادة الإعمار.
التفاوض مع إسرائيل يُعتبر التفاوض المباشر برعاية روسية وأمريكية وعربية بين سوريا وإسرائيل خطوة هامة، ويجب أن يستند إلى تطبيق القرارات الأممية الخاصة بالجولان السوري.
دعم المقاومة اللبنانيةتعمل سوريا على الحصول على موافقة حزب الله للمشاركة في التفاوض مع الحكومة اللبنانية حول قضية التفاوض مع إسرائيل، مؤكدة أهمية خارطة الطريق لدمج قوات المقاومة مع الجيش اللبناني بناءً على قرارات الحكومة اللبنانيةوالمعلومات التي تم تداولها تبرز رفض الأسد للعديد من المقترحات التي اعتُبرت ذات أهمية استراتيجية. يركز الأسد على السيادة السورية كشرط رئيسي، وهو ما يفهمه الأمريكيون والإسرائيليون والروس كأحد الأسباب الرئيسة وراء عدم جدوى التعامل معه في إطار خططهم لإنشاء شرق أوسط جديدكان من الواضح أن الأسد، على الرغم من عدة ضغوط، لم يكن لديه أي مشكلة في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين، ولكنه كان يسعى إلى تأكيد السيادة الوطنية كشرط أساسي، مما يعكس رغبة قوية في الحفاظ على الاستقلالية في اتخاذ القرارات الجيوسياسية.
الوضع الجيوسياسي في لبنان وسوريا
تقديرات إسرائيلية سابقة كانت تشير إلى إمكانية القضاء على حزب الله والسيطرة على المناطق الجنوبية من لبنان، بما في ذلك صيدا والضاحية، مما يعيد ترتيب القوة العسكرية ويقضي على تهديد حزب الله في الجنوب، ويجعل المقاومة خارج الأراضي اللبنانية. ووفقًا لهذه الرؤية، كان من المتوقع فرض اتفاق سياسي في لبنان ينهي الخطر الأساسي على إسرائيل، ثم التوجه بعد ذلك لمواجهة مباشرة مع الوجود الإيراني في سوريا.
لكن إسرائيل واجهت صعوبات كبيرة في تحقيق ذلك، حيث لم تستطع تجاوز المقاومة في الجنوب رغم الضغوط العسكرية. أدى ذلك إلى إعادة النظر في الخطط الاستراتيجية، بما في ذلك مقترح من القيادة الإسرائيلية بالتعاون مع تركيا لتجهيز قوات في الشمال السوري ونقلها إلى منطقة درعا والسويداء، مستغلين قواعد التنف، بهدف مهاجمة دمشق ودعم الوجود الإيراني.
التركي كان لديه رغبة في تعديل الخطة، مستفيدًا من نفوذه في الشمال وضعف الجبهة هناك، مما يجعله يمتلك السيطرة. وعندما ناقش التركي الأمر مع الروسي، قوبل برفض مبدئي إلا أن النقاش استمر بين الأطراف.
مع مرور الوقت، أصرّ التركي على بدء العمليات من الشمال والتعاون مع الإسرائيليين على وضع تفاصيل هذه الخطط، بما في ذلك وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مع تصعيد الهجمات شمالًا. الخطة كانت تستهدف قطع طرق إمداد حزب الله الاستراتيجية. لكن، الروسي كان يسعى لتحقيق سقوط سريع لحلب كوسيلة للضغط على الأسد وضمان إنهاء الوجود الإيراني في سوريا ولبنان. كان الهدف النهائي أن تحقق روسيا معادلة تضمن بقاء الأسد في الحكم مع الحصول على ضمانات تولي دور في العملية السياسية في المنطقة، وتحقيق مكاسب استراتيجية على الصعيد الدولي.
تطورات الوضع في سوريا
في خضم الصراع السوري، سقطت حلب بسرعة، مما أحدث مفاجأة للتركي وميليشياته. أرسل الروسي رسالة قوية عبر قصف بعض الأهداف غير الحيوية، مشيرًا إلى قوته وحاجة تركيا للتفاوض معه. في هذا السياق، بدأ بوتين بالتواصل مع الأسد لتوسيع التعاون بعد تنفيذ خطة جديدة. كان بوتين يأمل أن يستجيب الأسد للضغوط ويبدأ مرحلة جديدة في الإدارة السورية تستند إلى تحقيق التوازن في القوة الإقليمية.
من وجهة نظر بوتين، فإن الحفاظ على الأسد في السلطة مع تقليص الوجود الإيراني والقضاء على حزب الله يعني أنه سيكون الحاكم الفعلي لسوريا، مما يضمن لروسيا شرعية بقاء قوية لمدة خمسين عامًا أخرى في المنطقة. هناك احتمال أن يسعى بوتين لاحقًا لإزاحة الأسد وتعيين رئيس جديد يكون تحت إمرته.
في مواجهة هذه التحولات، اتخذ الأسد وفريقه الأمني والعسكري المكون من مجموعة صغيرة من القادة، خطوات للاستعداد لمواجهة أي تحديات محتملة. وكشف عن تنسيق مع الإيرانيين والعراقيين، مشيرًا إلى روح تعاون قوية بينهم. بالإضافة إلى ذلك، تم اتخاذ إجراءات لتعزيز الرواتب، مما يعكس استعداد النظام للتعبئة الشعبية، مما أظهر تصميم الأسد على الاستمرار في الحكم وقرر بوتين التصرف بما يتماشى مع المصالح الروسية العالية، مما يعني أنه يمكن أن يتبنى خطوات جديدة لتعزيز نفوذه في سوريا، بغض النظر عن التحولات في الولاءات المحلية.
مصلحة روسيا العليا في سوريا
في ظل الوضع الحالي، ترى روسيا بقيادة بوتين أن مصلحتها العليا تتطلب اتخاذ خطوات حاسمة بشأن الأسد. المعلومات المتاحة لدى الروس تشير إلى أن تركيا قد استعدت جيدًا، وأي تدخل إيراني أو عراقي قد يستفز ردًا مباشرًا من تركيا وإسرائيل. هذا الأمر قد يطيل أمد الصراع ويؤدي إلى استنزاف القوى السورية والإيرانية، مما يعرض روسيا لخسائر غير محسومة في موقفها.
يرى بوتين أن الأسد يُخاطر بمصلحة روسيا من خلال تركيزه على ثباته الشخصي في الحكم، وهو ما يتعارض مع الأهداف الروسية. إذا تمكن الأسد من تعزيز موقفه بحيث يفرض معادلة تتعب إسرائيل وتستنزفها، فإن ذلك قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على المصالح الروسية.
لذا، تعتبر مصلحة روسيا العليا الآن تخليها عن الأسد، وبالأخص في ضوء التحديات المتزايدة والوقت الضيق الذي يضع بوتين في موقف يتطلب اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة. تشير هذه الديناميكيات إلى أن المعركة قد بدأت، وأن روسيا قد تتحرك نحو إزاحة الأسد لتحقيق استقرارها ومصالحها في المنطقة
وفي اجتماع بوتين مع الأسداستدعى بوتين الأسد إلى روسيا لمناقشة الوضع المتغير وأهمية المستجدات الحالية. من المتوقع، منطقياً، أن يكون الأسد قد عرض وجهة نظره، التي قد تدعو إلى مواجهة مباشرة استنادًا إلى قدرات الجيش السوري وحلفائه من المقاومين. يعتبر الأسد أن هذه الحالة هي "حرب وجود"، لذا اتخذ قرارات بزيادة الرواتب للعسكريين واستعداد القوات العسكرية، حيث بدأت بعض كتائب وفرق الجيش بتنفيذ هجمات على مواقع في حماةوفي هذا السياق، من المتوقع أن يكون رد بوتين على هذه القرارات سلبيًا تمامًا. قد يرفض بوتين فكرة التصعيد، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الاستقرار وعدم الانزلاق في صراع قد يضر بمصالح روسيا. وبالتالي، يتضح أن بوتين يميل إلى اتخاذ نهج أكثر حذرًا وتوازنًا للحفاظ على موقع روسيا في المنطقة.
الوضع الحالي في سورية
تدور الأحداث حول تطورات معقدة في سورية، حيث تجتمع عدة عوامل تشير إلى عدم الاستقرار. تم تسجيل مشاهد للحشد الشعبي وهو يقطع الحدود العراقية، بالتزامن مع انسحاب كتيبة من الجيش السوري في دير الزور، مما أثار تهديدات من مقتدى الصدر بخصوص أي تدخل للحشد في سورية. كما أعلن الجانب التركي إمكانية تدخل جيشه في الصراع.
في هذا السياق، قد يلجأ بوتين إلى التريث عبر غرفة العمليات المشتركة الروسية الإيرانية، محاولاً وقف التصعيد من خلال التحدث مع تركيا. المعلومات تشير إلى أن بوتين يسعى لإدارة الصراع بطريقة تخدم مصالح روسيا، وقد يكون ذلك قد تحقق في ظل التحولات الأخيرة.
مع تزايد الأسئلة حول مصير الأسد، تعود التساؤلات حول عودته المحتملة إلى دمشق وما إذا كان خضع للإقامة الجبرية، مع ضرورة فتح تحقيق للتأكد من تفاصيل عودته. وفي حال تأكدت عودته، تطرح أسئلة عميقة حول أسباب اختفائه المفاجئ، والقرارات غير المنطقية بشأن التنحي وعدم السماح للجيش بمواجهة التحديات وتُعبر الحالة الراهنة عن غموض كبير في مصير الأسد، مما يمهد لتساؤلات حول دور روسيا وتأثيراتها على مستقبل سورية، حيث يتضح أن التطورات الأخيرة قد تحمل تداعيات خطيرة على بناء الدول في المنطقة ومدى استقرارها مستقبلاً.
موقف حزب الله وإيران
يشير الوضع الحالي إلى التوترات الكبيرة بين حزب الله والنظام السوري. حيث أرسل حزب الله حوالي 2000 مقاتل من نخبة قواته إلى حمص، لكن هؤلاء المقاتلين فوجئوا بانسحاب الجيش السوري وتغير الأوضاع في المنطقة. هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك خيانة من جانب الأسد لحزب الله.
أما بالنسبة لإيران، فقد تلقى قادة الحرس الثوري معلومات عن تطورات خطيرة في ليلة الجمعة-السبت، وواجهوا صعوبة في التواصل مع القيادات على الأرض، مما دفعهم للاعتقاد أن هناك خيانة تحدث. وبالتالي، بدأت عمليات الانسحاب، حيث ذكرت تقارير عن طائرة مدنية استخدمت لنقل مستشارين وضباط رفيعي المستوى إلى العراق.
تظهر هذه الأحداث مدى التعقيد والارتباك في الوضع السوري، مع ضرورة التفكير النقدي للمأزق الذي وجدت فيه هذه القوى نفسها.